
نظر الى الورقه بعين مرهقه فقد سهر الليل كله لأجل أن يكتب صفحه واحده فعجز كلما هم أن يمسك بكلمه و يحاصرها أفلتت منه حتى صار كالأسد العجوز الذى يعجز عن الامساك بفريسته
. تأمل فى الورقه و شاهد الكلمات تفر يمينا و شمالا حتى أنه بدأ يكتب من جديد و لم يلبث أن انهى السطر الثانى حتى فرت الكلمات كالعاده .
ألقى القلم فى عنف و قام من مجلسه اتجه الى النافذه ليشاهد حركه الشارع .
رأى أطفاله يلعبون فى الشارع ألقى نظره حانيه عليهم فقد أثقلت الدنيا بظروفها عليهم حتى صار يكسب قوت يومه بشق الأنفس .
أخذ يتذكر عمله فى المكتب الذى يغرقه فى عالم الأرقام لكنه ولد فى عالم الكلمات و نما و ترعرع فيه و ما و هاجر الى عالم الأرقام الا لسد الرمق بعد أن عجز عالمه فى سد حاجته و حاجه أولاده .
تذكر قصصه التى كانت تتنافس لنشرها المجلات الثقافيه
حتى تخلت عنه لما سموه بقدم كتاباته
و عدم مسايرتها للعصر
أثارت هذه الخواطر الشجن فى نفسه فترقرقت دمعه دافئه على جبينه لتنحدر على جانب ابتسامه رضا بما قسم الله له رسمت على وجهه .
(بابا )
انتزعته هذه الكلمه العذبه من الثغر البسام لابنته من خواطره
فالتفت اليها فى رقه ليجدها تقول له
( بص يا بابا كتبتلك القصيده دى )
امسك بالورقه و قرأها بصوت عالى
ابتسم ابتسامه واسعه و ضحك بصوت عالى
ثم قبلها فى جبينها قبله حانيه
فقد اكتشف إن عالمه لم يتخلى عنه
بل قد بعث له ابنته لتبعثه من جديد
و أمسك بورقه خاليه
و انهمرت كلماته على الورق.